
معلم الامس يختلف كليا عن معلم اليوم احتراما وتقديرا وشكلا ومضمونا
ظلت مكانة المعلم، و وظيفته، تحتل مكانة سامية، لم تتزحزح على مر العصور، و قاسما مشتركا بين حضارات الأرض وشعوبها ، ومكانة تتناسب مع قدسية الرسالة التي يؤديها حيث كان في الماضي صاحب مكانة مرموقة اجتماعيا، ولا أحد يستطيع التجرؤ عليه سواء كان طالبا أو ولي أمر، وكان يملك صلاحيات داخل القسم وخارجه، والآن أصبح المعلم شخصا هامشيا، ليس له دور سوى إعطاء المادة العلمية فقط، وجرِد من كافة الصلاحيات التي كانت تعطَى له في الماضي، فهو الآن ممنوع من إيقاف الطالب، أو ضربه، أو تأنيبه، أو حتى طرده خارج القسم، إضافة إلى أن أعداد الطلاب الآن تزيد عما كانت عليه في الماضي، والأقسام تعاني الاكتظاظ، فالعدد لا يقل عن أربعين طالبا إن لم يكن أكثر من ذلك.
لكن إذا ما نظرنا إلى مكانته في الوقت الحالي، فإننا نجد أنها قد تعرضت إلى تخريب ممنهج ،حيث يختلف كلياً عن تعليم الماضي شكلا ومضمونا، احتراما وتقديرا، سمعا وطاعة .
بالأمس كنا نلامس الحرص الشديد على الطالب ومصلحته، وتحصيله.
أما اليوم فنلامس الإهمال الواضح من قِبل أطراف العملية التربوية وأركانها حيث نلاحظ فجوة كبيرة، بل اعتداء عجيب بين المسؤول والمعلم والتلميذ ،و اعتداءات ظالمة من قِبل بعض الطلاب لمعلميهم بشكل همجي، دون خوف من عقاب، أو رادع قانوني .
أين ذلك الاحترام والتقدير للمعلم، والممزوج بشيء من الخوف؟
لما كان هناك احترام للمعلم كانت نتائج التعليم عظيمة ومميزة وأصبحت سواعد هامة في بناء الوطن في شتى الميادين، يجب أن تعود الهيبة المسلوبة للمعلم بأي شكل من الأشكال مع الأخذ في الاعتبار حق الطالب في التعامل والتقدير والاحترام ، بمعنى أن يكون هناك اتزان وتوازن بين الأطراف الثلاثة وزارة التربية والمعلم والطالب ولا يطغى جانب على الآخر، بل هناك نظام يحفظ لكل ذي حق حقه فإذا قصر الطالب فيعاقب وإذا أخل المعلم بالأمانة فيعاقب ولكن عقابه يكون من قِبل مسؤوله حسب الأنظمة وليس من قِبل الطالب .
يجب أن تعاد هيبة المعلم لتتحسن الأوضاع ويجب أن لا يلتحق بمهنة التعليم إلا الأكفاء من المعلمين، بعد إجراءات الاختبار والذي يكون في مرحلة القبول للدراسة و ليس بعد التخرج .
لكن يبقى الطالب أمانة في عنق المعلم والأستاذ، لأنه بسببه سيكون مخرجا بناء للوطن مفيدا،أو مخرجا عالة على نفسه وأسرته ووطنه،و أن يكون المعلم مهيأ لأداء تلك المهمة،و يبذل في سبيل تحقيقها ما هو ملقى عليه من مهام،على النحو الذي يجب أن يكون، وفق معادلة الحقوق والواجبات.
يجب أن يكون المعلم عضواً فعالا في المجتمع المحلي، بحيث يتفاعل معه فيأخذ منه ويعطيه، فالمعلم في المفهوم التربوي الحديث ناقل لثقافة المجتمع، فكيف يكون ذلك إذا لم يساهم المعلم في خدمة هذا المجتمع في مناسباته إلى فعالياته الاجتماعية الأخرى عن طريق مجالس الآباء والمدرسين والانضمام إلى الجمعيات الخيرية الموجهة لخدمة المجتمع والتعاون مع المؤسسات التربوية والمتخصصين والفاعلين الآخرين في المجتمع.