“طوفان الأقصى” أطاح بأوهام اسرائيل وفضح سياسات التطبيع والتوسع
الدكتورة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية نبيلة بن يحي ل " وطنية نيوز":

أكدت الدكتورة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية نبيلة بن يحي، في هذا الجزء من الحوار الذي خصت به ” وطنية نيوز”, انه وبعد مرور عام على معركة طوفان الاقصى، لا يزال الأخير يشكل أقوى ضربة قصمت ظهر الكيان الاسرائيلي منذ تأسيسه العام 1948, وفيما أظهر للعالم هشاشة كيان -زعم أنه لا يقهر- أوهن من بيت العنكبوت، رغم استعانته بأمريكا والغرب والدول المطبعة، اسقط الطوفان الكثير من الأقنعة وابدع في فضح سياسات التطبيع والتوسع، لتعرج بالحديث عن: ماذا غيّر؟ وما الذي سيتغير؟!!، وكيف تبدّلت معادلات الصراع وانقلبت موازين القوى بين عشية وضحاها…
*وطنية نيوز: في الذكرى الاولى ل”طوفان الاقصى”، وانت متتبعة للشأن السياسي الدولي، ما قراءتك لمجريات الحرب الدائرة في غزة وتداعياتها اليوم؟
** د. نبيلة بن يحي: تمثل هذه الحرب الدائرة في فلسطين المحتلة، نقطة جد مهمة في مسار الصراع العربي الاسرائيلي، ولا أقول النزاع بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني كما يريد البعض تقزيمه، وأعده خطأ استراتيجي في الفكر العربي عموما.
الهجمات والغارات الجوية الاسرائيلية وما نجم عنها من مجازر هائلة، أحد اوراق المحتل الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية، وعملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على إسرائيل فجر السبت 7 أكتوبر 2023، قدمت صورة واضحة كاشفة وفاضحة للكيان الصهيوني، الاستعمار الاستيطاني الاحتلالي للأراضي الفلسطينية، من خلال تعرية جرائم الإبادة لشعب برمته، في حرب غير متكافئة.
ورغم جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني منذ احتلاله الاراضي الفلسطينية عام 1948 وإلى اليوم، تبقى أهدافه واضحة للعيان، تهويد قطاع غزة كمرحلة اولى، على أن تشمل بقية الأجزاء من المنطقة العربية، وفق تفسيرات لاهوتية دينية مرتبطة باعتقاداتهم الدينية.
وأشير هنا، إلى أنه تمة امتدادات جيواستراتيجية نحو المنطقة العربية، بدليل الهجومات على جنوب لبنان وما يحدث في اليمن وغيرها على سبيل المثال لا الحصر.
توغل صهيوني في المنطقة تحت ذرائع ومسميات مختلفة، تدعمه أيضا سياسات التطبيع التي باتت مفضوحة، وتمويل من مؤسسات اقتصادية نافذة.
إذن، فهذه الحرب بمثابة إشارة للانطلاق نحو مسار ملغم يريده الكيان الصهيوني في المنطقة العربية، رغبة في التوسع، مما سيؤدي إلى اندلاع حرب شاملة، تتورط فيها المجموعة الغربية الداعمة لوجوده، منذ تأسيسه، ملامحها بادية في الانفجارات الضخمة هنا وهناك.
** وطنية نيوز: مشاركة غربية فاضحة، صمت دولي مخزي وتخاذل في نصرة الفلسطينيين، برايكم ما سبب ذلك؟.
** د. نبيلة بن يحي: جرائم اسرائيل ترتكب بمباركة حلفائها، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والمجموعة الاوروبية، لوجيستيكيا، إعلاميا وبمختلف الامكانيات، وهو مايجعل من الحرب -كما أسلفت سابقا- غير متكافئة سواء في الوسائل أو الأهداف من جهة، وجريمة دولية اتجاه الشعب الفلسطيني من جهة أخرى, ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية.
أشير هنا، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أو المجموعة الغربية الداعمة للكيان الصهيوني، أسيرة للوبي الصهيوني، حيث أن هذا الأخير يصنع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية من خلال منظمة “ايباك” المتغلغلة داخل مراكز صناعة القرار، فضلا عن توغل بل تغول الكيان الصهيوني في قطاعات سياسية، إعلامية واقتصادية، وهو ما يفسر هذا التآزر الدولي الذي نشاهده اليوم، على مستوى أنظمة سياسية وبروتوكولات أو الكارتيلات العالمية خاصة الاقتصادية والأمنية المدعمة لجرائم الكيان.
* وطنية نيوز: كشفت اسرائيل عن أهدافها من وراء الحرب، ولكن المشهد يؤكد انها لم تحقق أي هدف معلن، ماتعليقكم على ذلك؟
** د. نبيلة بن يحي: كان في اعتقاد الكيان الصهيوني، أنه سيقضي، بعد طوفان الأقصى، على المقاومة أو مايسمى بحرب الأنفاق، في بضعة أيام، ولكنه وبعد مرور عام بأكمله، لم يحقق هدفه الأساسي، بل وبالعكس، فالتداعيات الأساسية للضربة الأولى، صنعت بلبلة واضطرابات سياسية داخله، ترجمتها استقالات توالت في صفوف قادة ومسؤولين إسرائيليين من المؤسسة الأمنية والعسكرية، او في الكنيست الاسرائيلي، وحتى داخل المجتمع الممتعض من تعامل اسرائيل مع ملف الأسرى.
فالواقع يؤكد أن الحكومة الاسرائيلية لا تبالي بموضوع الأسرى بقدر اهتمامها بالقضاء على المقاومة والإبادة الجماعية للفلسطينيين.
كما أن إسرائيل تلقت أكبر ضربة في تاريخها، وعمليات الهجرة العكسية نحو أوروبا والولايات المتحدة الامريكية تتزايد، منذ طوفان الاقصى، بشكل مطرد، تعكسه أرقام مهولة تعمد اسرائيل لإخفائها.
الاهداف إذن لم تحقق ومؤشرات عدم الاستقرار في تصاعد، وأمام الضربة الموجعة لطوفان الاقصى، يحاول الكيان الصهيوني عبثا تضليل الرأي العام ومداراة اخفاقاته بزيادة وتيرة العدوان، والزج بالمنطقة في حرب شاملة خدمة لمصالحه الاستراتيجية.
…/يتبع.