مجتمـع

عند الشدائد تظهر معادن الرجال والدول

غنية حشايشي

في ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها المجتمع الجزائري جراء أزمة كوفيد 19، ظهر أبطال المرحلة كما ظهر أقزامها، فهذه الأزمة قد عرَّت المجتمع وأظهرته على حقيقته، و كما يقال في “الشدائد تظهر معدن الرجال” ومن الأبطال نذكر الأطباء وأعوان الصحة الذين يبلون بلاء حسنا في احتواء الوباء والحد منه معرضين أنفسهم للمخاطر، ومنهم من دفع روحه وتوفي وهو يؤدي واجبه المهني ومن أمثالهم البروفسور أحمد مهدي الذي توفي متأثرا بإصابته بفيروس كورونا بولاية البليدة، و سائق سيارة الإسعاف لمستشفى بوفاريك جمال طالحي ، ومن الأبطال أصحاب البر والإحسان الذين سابقوا لمد يد العون لإخوانهم المتضررين على غرار القافلة التي توجهت من سطيف الى البليدة محملة بمساعدات غذائية لأزيد من 4500 عائلة معوزة أو في حالة بطالة، ومن الأبطال أيضا أولئك الشباب الناشطون في الجمعيات ورجال الصحافة الذي سخروا وسائل الاعلام لنشر الوعي وارشاد الناس حول التعقيم ومخاطر الاستهتار بالإجراءات الوقائية ومتابعة المستجدات، أما على الجانب الآخر أشخاص فضحت الأزمة سلوكياتهم التي لا تمت للوعي والقيم الأصيلة بصلة ونركز في هذا الصدد على أولئك الذين يحركهم سلطان البطن لا العقل، أولئك الذين لم يسارعوا كغيرهم لمد يد العون والمساهمة في إجلاء الوباء وإنما سارعوا لتخزين المواد الغذائية، وتسابقوا لإفراغ المحلات من السلع خوفا من نفادها والموت جوعا !! وخاصة مادة الدقيق التي شكل نفادها من المحلات قلقا في عدة مناطق لا سيما لدى الفئات الهشة التي تضررت خلال هذه الفترة بسبب الحجر المنزلي والاضطرار للتوقف عن العمل ومنه عن الكسب وتأمين لقمة العيش، فأين روح التكافل؟ وأين قيم الإحسان ؟ التي هي جزء من عقيدتنا وموروثنا الاجتماعي عبر التاريخ؟ ، والأدهى والأمر من حُمَى شراء المواد الغذائية بكميات مضاعفة، تلك المشاهد التي تصدرت مواقع التواصل تنقل صور الإسراف والتبذير في الاستهلاك، فبقايا الطعام اتخذت من صناديق القمامة مآلا لها في حين أن هناك من هو في ضائقة لا يعلم حاله إلا الله، فمن المسؤول عن تسيير هذه الأوضاع التي خلقت هذا التناقض المقيت ؟ ومتى نتمتع بدولة قوية قادرة على مواجهة الأزمة بحكمة لا تغفل فيها اكثر الفئات ظلما في المجتمع ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق