أرشيف
معركة باب البكوش… سجل حافل بالبطولات والأمجاد
حقق جيش التحرير الوطني عبر مراحل الثورة انتصارات عديدة ومستمرة كان لها تأثير كبير وواضح على الصعيد الداخلي والخارجي، وكانت معارك جيش التحرير قد عمت كل القطر الجزائري، حيث أظهر فيها قدراته القتالية خاصة في حرب العصابات التي تعتمد على حسن اختيار المكان والزمان والمباغتة والانسحاب في الوقت المناسب.
وتعتبر منطقة باب البكوش الواقعة فــي سلسلة جبال الونشريس ببلدية لرجام ( سوق الحد سابقا ) في حدود بلدية لرجام مع ولايتي الشلف وغليزان، من أهم وأشهر المناطق التي دحرت العدو الفرنسي عن أرض الوطن والتي كانت تنتمي إلى الولاية الرابعة، وعرفت هذه الولاية بموقعها الاستراتيجي بحكم قربها من العاصمة وربطها بين مختلف الولايات الأخرى، وكانت المعارك بها متواصلة عبر الجبال والمدن معا، ومن تلك المعارك نذكر معركة جبل باب البكوش 1958 ببلدية لرجام ولاية تيسمسيلت، وكان الجبل فيها يمتاز بارتفاعه الشديد فاتخذ منه المجاهدون حصنا لهم خاصة أنه كان قريبا من جبال الونشريس وجبال سيدي داود ، ففي نهاية ماي 1958 وقع تمشيط القوات الاستعمارية للناحية معتمدة على الطائرات الكشافة وبدأت المعركة يوم 24 ماي 1958 وقدرت القوات الاستعمارية بـ 8000 جندي تعززهم الطائرات المقاتلة والعمودية ودامت المعركة 3 أيام وانتهت بانتصار المجاهدين، فحينما انطلقت جيوش العدو الفرنسي من مدينة الأصنام ( الشلف حاليا ) ومن بعض المراكز الأخرى القريبة من منطقة الونشريس، إذ كانت هذه الجيوش متكونة من عدة فيالق اتجهت نحو جبال الونشريس للقيام بمسح وتمشيط المنطقة مدججة بأنواع الأسلحة مثل طائرات ( b26) وطائرات الجاقوار وطائرات الاستكشاف والطائرات السريعة المقنبلة وطائرات الهليكوبتر، حتى وصلت إلى منطقة باب البكوش ببلدية لرجام التى حدثت فيها المعركة الكبرى بالولاية الرابعة، وكـــان جيش التحرير الوطني قد شارك فــي هـــذه المعركة بالكتيبة ( الكريمية ) وعدة فصائل من المسبلين تحت قيادة سي أعمر مصباح من منطقة بوفاريك الذي استشهد في هذه المعركة مع نائبه سعد السعدي ( سي رشيد ) وفصيلة أخرى من الولاية الخامسة بقيادة سي طارق، كما شارك وبفاعلية في معركة باب البكوش العقيد سي محمد بونعامة.
في هذه المعركة التي احتدمت جوا بالطائرات الحربية المقنبلة دون تفريق بين الجيش الفرنسي وجيش التحرير الوطني، وأمام الحصار الذي قاده العدو على المنطقة كان لابد من فتح جهة أخرى للحرب حتي يفك الخناق وبالفعل فعلتها كتيبة الحميدية بقيادة محمد الغول ( سي سليمان ) إذ وزعت هــذه الكتيبة قواتها عـلى خمـس مــراكــز للعــدو، وكانت نتائج هذا الهجوم جد إجابية على معنويات المجاهدين في عدة مناطق بالخصوص الناحية الرابعة ومن نتائج هذه المعركة فوز المجاهدين على العدو وبث الرعب والفزع والهلع بين صفوفه،حيث كانت خسائر العدو الفرنسي في هذه المعركة 600 جندي قتيل، من بينهم 33 ضابط برتب مختلفة، 15 منهم مسجلون بوثيقة رسمية ببلدية لرجام، أما خسائر جيش التحرير فقد بلغت 360 شهيد.
ومنذ الاستقلال وأبناء الشعب الجزائري والأسرة الثورية يتذكرون هــذه المعركة في كل سنة ، وفي نهاية الثمانينات قامت بلدية لرجام ببناء مقبرة والتي تعد ثاني أكبر مقبرة على المستوى الوطني بمكان معركة باب البكوش، وتم جمع رفات أكثر من 1240 شهيد بها، بين جثث شهداء معلومي الأسماء وبعض الرفات المجهولين.