أنقذوا رسالة الإعلام

حامدي ياسين

منذ بداية انتشار جائحة الكورونا، رافقتها هالة إعلامية كبيرة، تفرقت بين ناقلة للقصص الخبرية والوقائع الجارية في صورتها الثابتة (دون استقصاء)، وبين مهولة ومبالغة أحيانا في تقديم ذات القصص، في صورة تعكس التهرئ والتخبط الذي تعاني منه المنظومة الإعلامية، إن على مستوى المهنية أو الأخلاقية.
ففي الوقت الذي تسابقت فيه كبرى المختبرات الجامعية الغربية التي تؤمن بحتمية العلم والمعرفة في تأطير وتوجيه المجتمعات، ضمن سلسلة تجارب وأبحاث معمقة لإيجاد لقاح فعال لكوفيد 19، والتسويق الإعلامي العلمي الذي رافقها، سقطت فضائياتنا في مستنقع التهريج الإعلامي دون حسيب ولا رقيب يذكر، اتخذت من الدجل والخرافة مادة إعلامية بذيئة، تنبئ بتحول هذه الوسائل إلى أداة لتهديد كيان العقل الجمعي للمجتمع، وراحت بدون أدنى احترام لشروط أخلاقيات الرسالة الإعلامية، ودون أية مراعاة للذوق العام للجمهور، تروج لثلة من الدجالين والخرف الذين يزعمون بإيجاد دواء للكورونا باستخدام مواد هي في أصلها سامة (الشمة) في صورة تعكس مستوى الرداءة والعفن والانحطاط الذي آلت إليه تلك القنوات، من خلال نظام التفاهة الذي تعمل على نشره في الوسط المجتمعي.

دأبنا في قراءتنا لأدبيات الإعلام والاتصال أن الإعلام هو رسالة قبل كل شيء، رسالة هادفة وقيمية، مرجعها المسؤولية الاجتماعية و المسؤولية القيمية، هدفها تنوير وتثقيف المجتمع، والرفع من الذوق العام للجمهور، وإحاطة الرأي العام بالقضايا والمناقشات الدالة والجادة في موضوعها وأبعادها وتداعياتها، غير أن الملاحظ في هذه الوسائل بات شغلها الوحيد جذب أكبر عدد من المشاهدين من خلال برامج تهدم أكثر مما تبني، وتشتت أكثر مما تلم، ولو على حساب العقل المنطق والعلم الذي يعارض تلك الخزعبلات الماقتة، إنها تسوق لبرامج تبعث على خطر وشيك يتربص بالمجتمع، هو #التجهيل والتدجيل عبر الإعلام.. لذا أنقذوا رسالة الإعلام ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق