أرشيف
انخفاض محسوس في مداخيل الولاية واختلالات بالجملة في تسيير ملف الاستثمار
دورة المجلس الشعبي الولائي سطيف دورة ديسمبر
سطيف : أ.حداد
صادق أمسية اليوم أعضاء المجلس الشعبي الولائي بسطيف على ميزانية الولاية للسنة المقبلة 2017 وذلك أثناء عقدهم للدورة العادية لشهر ديسمبر2016، وقد شهدت ميزانية الولاية انخفاض محسوسا في الإيرادات إضافة إلى نقص كبير في اعانات الدولة، مما جعل العديد من القطاعات تتأثر بصفة مباشرة بهذا الانخفاض خاصة في شقي التسيير والتجهيز، كما سجلت لجنة التنمية لمحلية والتجهيز والاستثمار والتشغيل بأسف شديد جملة من الاختلالات في ملف الاستثمار بسبب تراجع أغلب مؤشراته مقابل امكانيات طبيعية ولوجستية معتبرة تزخر بها عاصمة الهضاب العليا.
فبإشراف من الوافد الجديد على رأس الولاية السيد معسكري ناصر وبحضور مسؤولي الجهاز التنفيذي تم تخصيص الدورة العادية للمجلس لشهر ديسمبر 2016 لدراسة ملفين هامين، يتعلق أولهما بالمصادقة على مشروع الميزانية الأولية للولاية لسنة 2017 والتي تم إعدادها بالتنسيق بين مديرية الإدارة المحلية ولجنة الاقتصاد والمالية للمجلس، حيث جاء في تقرير اللجنة أن مبلغ إيرادات الولاية قدر بزهاء 2.582.723.867.00 دج، ويمثل هذا المبلغ إجمالي إيرادات الولاية التي تتمثل بالدرجة الأولى في مداخيل الرسم على النشاط المهني بـ 2.512.781.250.00دج، إضافة إلى مداخيل الضريبة الجزافية الوحيدة بـ 63.942.617.00 دج ومداخيل ممتلكات الولاية المتمثلة في مقر مديرية الأروقة الجزائرية سابقا والمؤجر لشركة اتصالات الجزائر لاستغلاله كفضاء للأنترنيت بمبلغ سنوي يقدر بـ6.000.000.00 دج.
وسجلت لجنة المالية وبأسف انخفاض متواصل في مجموع الإيرادات مقارنة مع باقي السنوات حيث تعدت على سبيل المثال مبلغ 3.8 مليار دج خلال سنة 2015 لتنخفض إلى 2.6 مليار دج سنة 2016 لتتدنى إلى مبلغ 2.5 مليار دج في 2017، غير أنها سجلت بالمقابل ارتفاع في ايردات الرسم على النشاط المهني بزيادة معتبرة قدرت بـ 11.63% مقارنة مع سنة 2016، ونفس الأمر بالنسبة للرسم الجزافي الوحيد بزيادة قدرت بنسبة 11.13% مقارنة مع 2016، وقد أشادت لجنة المالية بهذا الارتفاع وأرجعته لمجهودات مديرية الضرائب في عملية تحصيل الضريبة، وبالمقابل انتقدت اللجنة عدم مسايرة بقية مكونات إيرادات الدولة خارج الضريبة لهذا النمو حيث لم تأتي بالجديد بحيث ظل مبلغ تأجير هذه الممتلكات ثابتة منذ أزيد من 4 سنوات رغم أن المبلغ الحقيقي لتأجيرها يتعدى بكثير القيمة الحالية وبالتالي طالبت اللجنة رفع قيمة تأجير الممتلكات التابعة للولاية.
أما بالنسبة للنفقات فقد رصدت الولاية مبلغ 1.370.723.867.00 دج كميزانية التسيير لسنة 2017، أما ميزانية التجهيز فقد تم المصادقة على مبلغ 1.212.000.000.00 دج، ويعادل مجموع هذه النفقات مبلغ إيرادات الولاية والتي فاقت الـ 2.5 مليار
دج، حيث تتمثل أغلب نفقات التسيير في العناوين الإجبارية كأجور المستخدميين الدائمين بـ 25 مليون دج، المصالح المالية بـ 131 مليون دج، وسائل ومصالح الإدارة العامة بأزيد من 268 مليون دج تمثل إجمالي المصاريف المتعلقة بمصالح الولاية والدوائر..إلخ، أما في شق نفقات التجهيز فقد أعطت ميزانة 2017 الأولوية فيها لربط المواطنين بمختلف شبكات الغاز والكهرباء والمياه الصالحة للشرب بغلاف مالي قدر بـ 625.000.000.00 دج، تليها إعانات مالية سيتم تقديمها لفائدة البلديات ذات الميزانية العاجزة ومقدرة بمبلغ 250 مليون دج، كما خصص غلاف مالي بـ 22 مليون دج للتعمير والإسكان لدراسة وتهيئة إقامة حمام قرقور، طرق الولاية كذلك حظيت بغلاف مالي معتبر قدر بـ 197 مليون دج لشراء واقتناء آليات الحفر والنقل وشراء عدادات لمراقبة الحمولة وتصليحات كبرى على مستوى الطريق الولائي رقم 137، كذلك تم تخصيص مبلغ مالي مقدر بـ 118 مليون دج بعنوان البنايات والتجهيزات الإدارية والتي من خلالها ستستفيد الولاية من سيارة إسعاف في إطار تعزيز مسعى تجسيد العيادات المتنقلة.
وما تم تسجيله من نقطة ايجابية في ميزانية النفقات هو تدعيم الوجبة الغذائية لتلاميذ المدارس بمبلغ 7 دج للوجبة الواحدة، كما حافظت على سياسة الدولة في الشق التضامني رغم شح الموارد حيث تم تخصيص ما قيمته 92 مليون دج للتكفل بالفئات المعوزة والعائلات المحرومة، وبالمقابل سيكون من الصعب في ظل انخفاض الايرادات تحمل كل الأعباء الإجبارية وعلى رأسها الإطعام المدرسي حيث أن القيمة المخصصة لهذا الجانب تسمح بتغطية المصاريف من شهر جانفي إلى شهر ماي 2017 فقط مما قد يحرم التلاميذ من وجباتهم المعتادة مطلع السنة الدراسية المقبلة.
وقد خلصت لجنة المالية للمجلس أن اعتماد هذه المنهجية في النفقات قد جاءت تطبيقا لتوصيات لقاء الحكومة والولاة، كما نبهت بمسؤولية كل الأطراف إداريين أو منتخبين في العمل الدائم من أجل تحسين موارد الجماعات المحلية، كما دعت إلى إعادة مسح ممتلكات الولاية والعمل عن تنويع مصادر التمويل.
ملف الاستثمار عرض كذلك بثقله على أشغال الدورة العادية للمجلس حيث أعدت لجنة التنمية المحلية والتجهيز والاستثمار والتشغيل تقريرا مطولا حول الموضوع تطرقت من خلاله إلى عدة نقاط متعلقة بـ: التشريعات والإمكانيات، مراحل تشكيل ملف الاستثمار، تطور الاستثمار بولاية سطيف، المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وآليات التشجيع على الاستثمار وفي الأخير آفاق وتحديات الاستثمار في الولاية.
لجنة الاستثمار وفي تحليلها لواقع الاستثمار بالولاية سجلت وبكل أسف تأخره وتخبطه في مشاكل عدة أهمها الحافظة العقارية والتي حول العديد منها من أصلها الصناعي والنشاطي المدر للثروة، إذ جاء في تقرير اللجنة وقوفها على العديد من الخروقات والاختلالات عبر أغلبية المناطق الصناعية ومناطق النشاطات المنتشرة بإقليم الولاية حيث لم تترد في تقريرها الرسمي بقولها ” إنك لا تستطيع أن تفرق بين هل هذه المنطقة لتجارة والنشاطات أم أنها أحياء سكنية”، حيث تم بيع أغلبية القطع الموزعة في إطار عقود التنازل عن أملاك الدولة و التي كان يعمل بها سابقا، كما تساءل أعضاء اللجنة عن مصير أزيد من 12 ألف ملف طلب استثمار تم إيداعها لدى مديرية الصناعة والمناجم في إطار اللجنة الولائية للاستثمار (CALPIREF)، كما استاءت اللجنة للمدة الزمنية الطويلة التي يستغرقها ملف الاستثمار لرؤية النور مما دفع الكثير للتنازل والتراجع عن الاستثمار.
وقد أرجعت لجنة الاستثمار تسيب الوضع في هذا المجال إلى غياب المتابعة الحثيثة والصارمة لمثل هذه المناطق والتي تعني لبعض الدخلاء على الاستثمار مغنما سريعا بفعل المضاربة وبيعه من الباطن والاتجار به، رغم وجود بعض الملفات المعروضة على العدالة والبالغ عددها 155 متابعة تشمل 349 قطعة تم استرجاع 10 منها لحد الآن، وقد طالبت اللجنة بالمواصلة في عملية المتابعات القضائية وإلغاء عقود الاستغلال.
وكحل لمختلف المشاكل في مجال الاستثمار اقترحت اللجنة باعتماد نموذج حديث وموحد في عملية إنشاء المناطق الصناعية ومناطق النشاطات، انشاء بنك معلوماتي خاص بالاستثمار على مستوى ولاية سطيف، العمل على استحداث آليات تمويل جديدة تتماشى مع متطلبات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خلق منتدى المستثمرين الموطنين في ولاية سطيف والذي يقوم بتتبعهم ومرافقتهم لتذليل العقبات التي تقف عائقا في تجسيد مشايعهم وغيرها من التوصيات الأخرى.
والى الولاية ناصر معسكري وفي مداخلته الختامية أشاد بمجهودات لجان المجلس وأكد أن كل الانشغالات المطروحة سيتم أخذها بعين الاعتبار مضيفا أن مسؤولية الدفع بحركية التنمية بالولاية يقع على عاتق الجميع دون استثناء، منوها بمجهودات الدولة لترقية التنمية المحلية باتخاذ اجراءات للحد من مصاريف التسيير والبحث عن مصادر إضافية لتمكين التكفل بالنفقات الإجبارية مع مراعاة التوازن بين الايرادات والنفقات، أما في ملف الاستثمار فقد خلص المسؤول الأول بالولاية بقوله أن ولاية سطيف وبتوسطها لوعاء سكاني يفوق الـ 6 مليون نسمة وبهياكل قاعدية مشكل من 3 مناطق صناعية كبرى وبديناميكية تجارية وطنية ودولية يجعلها قطب صناعي بامتياز، لكن اعترف بأنها لم ترقى حسبه للانتظارات بسبب نقائص وعراقيل، وعليه دعى معسكري إلى تكاثف الجهود لتذليل هذه المشاكل وحلها خاصة والجزائر تشهد شح في الموارد نتيجة تراجع أسعار البترول، وأهم إجراء تم اتخاذه كشف والي سطيف عن تكليفه للبلديات والدوائر الإدارية لاقتراح انشاء مناطق نشاطات صغيرة لتعزيز قدرات البلديات.
نشير في الأخير أن أعضاء المجلس قد صادقوا بالإجماع على مشروع الميزانية لسنة 2017 وقدموا ملاحظاتهم في ملف الاستثمار الذي تم التأكيد على تخصيص حيز أكبر لدراسته خلال الدورات المقبلة للمجلس.