أرشيف
جرعة أمل…الربيع في قسنطينة برائحة الجنة

يلتقي الربيع في قستطينة بالقّطَار، الورد والزهر كضيوف شرف لتبدأ الحكاية.
حكاية تقليد إخترق الزمان وتشبت بزوايا المدينة وجران مبانيها، في قسنطينة حين يحل الربيع يكون هَمُ أهلِ المدينة الوحيد متى موعد التقطير؟ أين القَطّار؟
القَطَّار آنية نحاسية تعمل على إنجاز عملية التقطير، تقطير الورد وزهور “شجرة لارنج” التي تتفتح في هذا الوقت من السنة.
إنجاح عملية التقطير يعتمد على سيدة قسنطينية من سيدات العائلة عارفة بأسرار العملية التي تتم حين يدفأ الماء الذي أسفل القَطّار وبه كمية”كُبّة” من الورد أو الزهر ويكون على نار هادئة، فيما تغطى الآنية من الأعلى كي تنزل قطرات كقطرات الندى في زجاجات يجب أن تغلق بإحكام، لتفوح رائحة كأنها رائحة الجنة في كل أرجاء المنزل.
هذه السوائل التي تنتج من عملية التقطير تخبأ ليصنع منها “المقرود، البقلاوة، طمينة اللوز، الرفيس، بوراك الرنة، المحنشة، والمشلوش،المحلبي، والطبيخ..” وغيرها من الأطباق والحلويات التي تزين الصينية القسنطينية في الأعياد والمناسبات.
توارث القسنطينون هذا التقليد منذ القدم حتى أضحى للتقليد معرض خاص يقام كل ربيع بوسط المدينة، فتمر بساحة “لابراش” وكلها زهور ونباتات جميلة في منظر يسر القلب، وتشتم روائح وعطور تنعش الروح.
لكن جائحة كوفيد19 التي غيرت قواعد الكرة الأرضية، غيّبَت ملاح الربيع بقسنطينة، وألغت معرض الزهور كما ألغت العديد من الفعاليات الثقافية والفنية والرياضية في العالم بأسره، ورغم ذلك لم يلغى التقليد، وبغض النظر عن الحجر الصحي، حافظت العائلات القسنطينية على التقطير هذا الموسم وحاولت أن تستمد من التقليد جرعة أمل.