مجتمـع
لا تحبس نفسك في سجن ضيّق من اليأس.. فالحياة أشواق وأشواك
الأمل.. إنه القوة الدافعة التي تشرح الصدر للعمل، وتخلق دواعي الكفاح من أجل الواجب، وتبعث النشاط في الروح والبدن، وتدفع الكسول إلى الجد، والمجد إلى المداومة، كما تدفع المخفق إلى تكرار المحاولة حتى ينجح، وتحفز الناجح إلى مضاعفة الجهد ليزداد نجاحه.
الأمل الذي نتحدث عنه هنا ضد اليأس والقنوط، إنه يحمل معنى البشر وحسن الظن في الله تعالى، بينما اليأس معول الهدم الذي يحطّم في النفس بواعث العمل، ويُوهن في الجسد دواعي القوة.
قمة الأمل والتفاؤل في اتصال القلب بالرب جلّ وعلا، فالصلاة تفاؤل، والذكر تفاؤل، لأنه يربط الفاني بالحي الباقي، ولأنه يمنح المرء قدرات واستعدادات وطاقات نفسية لا يملكها أولئك المحبوسون في قفص المادة. إن المؤمن في كل أحواله صاحب أمل كبير في روح الله وفرجه ومعيته ونصره، لأنه لا يقف عند الأسباب الظاهرة فحسب، بل يتعداها موقنا أن لها خالقا ومسببا وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، فيمتلئ قلبه توكلا ورجاء وأملا، وهذا ما يفتقده غير المؤمنين، لذلك تراهم ينتحرون ويصابون بالعقد والأمراض النفسية الكثيرة، فنسأل الله العافية.
ونحن قد نعيش في مجتمع سلبي، ونحاط بأخبار سيّئة ابتداءً من صحيفة الصباح وحتى أحداث المساء بشكل عام، وقد تكون ثقافتنا غير مشحونة دائما بجو إيجابي، وكل يوم نقوم بخيار ما، لنملأ عقولنا إما بأفكار إيجابية أو بأفكار سلبية، وللهروب من مجرى الأفكار السلبية، فأنت تحتاج أن تفسح مجالا لعادة التفكير بإيجابية، فالإسهاب في الأفكار السلبية هو سلوك مكتسب، وما تم اكتسابه يمكن للمرء أن يتخلص منه، لأن التفكير السلبي يشبه القطار الذي تزداد سرعته كلما تحرك مسافة أبعد.
إنك تبرهن عن النجاح أو الفشل طبقا لنوعية وطريقة تفكيرك الاعتيادي، أيهما أقوى في حياتك، أفكار النجاح، أم أفكار الفشل؟، فإن كان تفكيرك سلبيا في معظم الأوقات، فلن يكفي التفكير الإيجابي بين الحين والآخر لاجتذاب النجاح، ولكن إن فكرت باستقامة وإيجابية، فستعثر على ضالتك وستبلغ غايتك، حتى ولو شعرت أنك محاط بظلمة كثيفة.. فأنت الوحيد المسؤول عن نفسك، فمن الخطأ أن ننسى ما يجب أن يكرسه المرء من وقت وجهد وتركيز ومواصلة لتحقيق صورته الذهنية، بل ينبغي في نفس الوقت تخصيص الجهد والوقت والمثابرة والمواصلة حتى نجعل الوسائل المتاحة لدينا ناجعة وذات فاعلية وتأثير في تحويل الصورة الذهنية إلى واقع حي.
فعلى الإنسان المؤمن إذا أحاطت به المشاكل أن يدرسها على أساس الواقع، وأن يدرس الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها، والآفاق التي يتطلع إليها، وألا يحبس نفسه في سجن ضيق من التشاؤم واليأس، بل يفتح لنفسه كل أبواب الرجاء وكل أبواب الأمل.
فأن نكون مؤمنين، يعني ألّا يزحف اليأس إلى حياتنا، وأن نبقى محدقين في الشمس عندما تميل إلى الغروب وينتشر الظلام، ونحدق في النجوم وهي تشير إلينا أن الظلام ليس خالدا، وأن هناك إشراقة الفجر التي تنطلق من كل نقاط الضوء.. فإذا كنت تشعر بالظلام، ففكر في نقاط الضوء التي تجدها منتشرة في الحياة حتى تلتقي بالفجر، وفي قلبك أكثر من أمل، من انفتاح على الشروق، وأقولها إلى الشباب، عندما ينطلقون في دراساتهم وفي مشاعرهم وفي عواطفهم، وأقولها للذين يواجهون التحديات، ليس هناك ظلام مطلق، فقط علينا أن ننتج النور من عقولنا وقلوبنا، وأن ننتج النور من جهدنا، لنلتقي بالنور الذي يفتحه الله تعالى لنا من خلال إشراقه شمسه.