أرشيف
رمضان..للرحمة عنوان

رمضان شهر الرحمة والغفران، هكذا علمنا رسول الله بقوله: “إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة و غُلّقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين..” وهذا يعني أن أبواب الجنة تفتح في هذا الشهر الفضيل ثلاثين يوما كفيلة لأن نكفر فيها عن ذنوب اقترفناها، ثلاثون يوما تكفينا لتقوية صلتنا بالله التي شغلتنا الدنيا وأهواءها عن تأدية واجبنا بين بعضنا البعض قبل أن نؤدي واجبنا نحو خالق هذا الكون، هذه الرحمة التي تجسدت في حديث رسول الله عن ثلاثة شبان حُبسوا بصخرة في غار وقالوا انه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم حتى تتمكنوا من الخروج من هذه الصخرة التي حبستم فيها، فدعا الأول حاله مع والديه وكيف كان يعاملهما فانفرجت الصخرة قليلا..ودعا الثاني حاله مع ابنة عمه التي كانت أحب الناس إليه وأرادها لنفسه فامتنعت حتى ألمت بها سنة من السنين فأعطاها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بينها وبين نفسه فقالت: لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه فتحرّج من الوقوع عليها وأنصرف عنها وهي أحب الناس إليه وترك الذهب الذي أعطاها فدعا الله بنية ذلك العمل اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج ودعا الثالث قصته مع أجير كان يعمل عنده ثم ذهب فثمّر أجره حتى كثرت أمواله فجاء بعد ذلك قائلاً: يا عبد الله أدَّ إلي أجري فقال له: كل ما ترى من الإبل والبقر والغنم والرقيق أجرك فقال له: يا عبد الله لا تستهزئ بى فأجابه إني لا استهزئ بك فأخذه كله ولم يترك منه شيئاً فدعا الله بنية ذلك العمل قائلاً: (اللهم إن كنت قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه) فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون.
إن هذه الرحمة التي ينشئها الصوم رحمة بأنفسنا ورحمة بأسرنا .. بأزواجنا .. وأولادنا .. أليسوا أحق الناس بها رحمة منا في تعاملنا مع الناس..من خلال مساعدتهم في قضاء حوائجهم، يمثلها ويتعهد بها كل من ترفع إليهم حوائج الناس سواء كانوا أطباءً أو تجاراً أو موظفين، ليسهلوا على الناس عملهم في رمضان ولا يعسرون عليهم فمن قاد ضريرا إلى المسجد أو إلى منزله أو إلى حاجة من حوائجه كتب الله له بكل قدم رفعها أو وضعها عتق رقبة ولم يزل يخوض في الرحمة حتى يرجع، ومن قام على مريض يوما وليلة بعثه الله مع خليله إبراهيم حتى يجوز على الصراط كالبرق اللامع، ومن سعى لمكروب في حاجة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه رحمة الله على عباده واسعة فلما لا نتراحم نحن فيما بيننا فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أتاكم شهر رمضان شهر بركة، فيه خير يغشيكم الله، فيُنزل فيه الرحمةَ، ويَحُطُّ فيه الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، وينظر الله فيه إلى تنافسكم، ويباهى بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشَّقِىّ من حُرم فيه رحمة الله عز وجل). هذا ما نريده بالفعل رحمة الله علينا في هذا الشهر الكريم فبدءوا بأنفسكم لنحقق ذلك.
حبيبة بن حرشاش